يخضع الجسم للكثير من العوامل الفيزيائية والهرمونية التي تخفف من ظاهرة التماثل والتناظر بين جهتي الجسم اليمنى واليسرى، فنخن نستخدم يدنا اليمنى أكثر من اليد اليسرى مما يجعلها تنمو أكثر وتكون أقوى من اليد اليسرى، كما أننا نستخدم أحياناً إحدى عينينا دون الأخرى في الرؤية مما يسبب الكسل الوظيفي للعين الأخرى، وكذلك فإننا ننام بطريقة ما على جهة من خدنا دون الأخرى، أو قد يكون هناك عدم تناظر في شكل الثديين أو اختلاف حجم الثدي لدى المرأة. تمر هذه التغيرات في كثير من الأحيان دون أن تسترعي الانتباه أو أن يشعر الشخص بأنه يعاني من مشكلة ما، لكن في بعض الحالات يغدو تغير الشكل كبيراً أو يعكس تغيراً في الوظيفة، عند ذلك يستدعي الأمر الاهتمام والمعالجة.
سنتعرف في هذه المقالة على اختلاف حجم الثدي عند المرأة من كل جوانبه حيث نتحدث عن الأسباب والعلاجات. يرجى البقاء معنا.
تعد ظاهرة اختلاف حجم الثدي ظاهرة شائعة لدى أكثر من نصف النساء، ولا تشكل هذه الظاهرة مدعاة للقلق أو الخوف طالما أن عدم التماثل لا يسبب مشكلة جمالية أو نفسية للمرأة، أما أهم أسباب اختلاف حجم الثدي فهي:
لكن لما كانت بيانات منظمة الصحة العالمية تشير إلى إصابة 2.2 مليون امرأة تقريباً بسرطان الثدي سنوياً وإلى أنه في نهاية عام 2020 تم تشخيص إصابة 7.8 مليون امرأة خلال السنوات الخمس الماضية، ولما كان الكشف المبكر للسرطان يؤدي عموماً إلى نتائج ممتازة في معدلات الشفاء، لذا يجب التأكد عبر الفحوص والاختبارات من أن اختلاف حجم الثدي لا يحتمل وجود ورم خبيث. وفي تلك الحالة يمكن للمرأة أن تتعايش مع الحالة وتستخدم حمالات صدر خاصة داعمة أو تستخدم بعض الحشوات في حمالة الثدي في الحالات البسيطة، أما في الحالات التي يكون فيها اختلاف حجم الثدي كبيراً فمن الممكن أن تتدخل الجراحة لتعديل الاختلاف.
يشكل الفحص الذاتي للمرأة عاملاً يساعدها على ملاحظة أية تغيرات يمكن أن تنشأ على ثدييها والتأكد من أن اختلاف حجم الثدي هو ضمن الحالات السليمة والآمنة، حيث تعتبر الاختبارات التالية التي يجريها الجراح حاسمة وضرورية للتأكد من سلامة اختلاف حجم الثدي:
تجري المعالجة اللاحقة حسب نتيجة الخزعة، ففي حال كون الورم أو الكتلة خبيثة فإنه يتم استئصالها ومتابعة المعالجة الشعاعية والدوائية وفق الخطة المقررة، أما في حال كون الكتلة سليمة فإنه يمكن استئصالها أولاً وذلك حسب تقدير الجراح للوضع.
يتضاعف حجم الثدي خلال عملية الإرضاع 2-3 مرات وتمتد أنسجة الثدي باتجاه الإبط عندما يمتلئ الثدي بالحليب، ثم يتقلص الثدي مرة أخرى بعد الرضاعة الطبيعية مما يمكن أن يؤدي لتغيير ملامح الصدر. وبعد توقف الإرضاع يتعرض الثدي لمجموعة من التغيرات الناتجة عن تغير الهرمونات بعد الفطام، حيث يقل إفراز هرمون البرولاكتين – الذي تحفزه الرضاعة – وهو المسؤول عن إنتاج الحليب ويعيد الثدي تشكله من جديد وفق الحالة الجديدة. يمكن للثدي أن يعود إلى وضع ما قبل الإرضاع في حجمه وشكله، ويمكن أن يبقى كبيراً كما يمكن أن يتناقص حجمه بشكل كبير أو أن يتسطح ويترهل.
تخشى النساء من أن تؤدي الرضاعة الطبيعية إلى ترهل الثديين، لكن هناك عوامل أخرى يمكن أن تغير مظهر الثديين أكثر من الرضاعة الطبيعية وهي:
كل ثدي مستقل، لذا فإن ما يحدث لأحد الثديين أثناء الرضاعة الطبيعية لن يحدث بالضرورة للآخر، فاحتقان الثدي أو الامتلاء المفرط المؤلم للثدي بالحليب هو حالة شائعة قد تترك ثدياً واحداً مشوهاً قليلاً، وقد يُنتج أحد الثديين حليباً أكثر من الآخر مما يساهم بعدم تناسق الثديين، هذا عدا عن احتمال تعرض أحد الثديين لآفة أو ورم. لذلك من الممكن أن يعود أحد الثديين إلى حجمه الذي كان عليه قبل الحمل بينما يكون الآخر أصغر أو أكبر دون أن تكون هناك أية مشكلة مرضية.
من المفيد تكرار حقيقة أن معظم النساء لديهن درجة ما من اختلاف حجم الثديين، وطالما أن هذا الاختلاف لا يعزى إلى أسباب مرضية فيمكن للمرأة أن تتقبله وتتعايش معه، ومن المفيد ربما ارتداء حمالة صدر مناسبة وممارسة تمارين رياضية مناسبة لتقوية عضلات الصدر كممارسة تمارين الضغط مثلاً أو الاستلقاء على الظهر ورفع ثقل مناسب إلى الأعلى أو الجانبين. حيث يمكن إجراء هذه التمارين خلال فترة الحمل والإرضاع وبعدها، وهي تفيد في تقوية عضلات محيط الصدر والتقليل من ترهل الجلد.
في حال كان اختلاف حجم الثدي كبيراً أو كانت المرأة راغبة في أن يكون لديها ثديان متماثلان أو في حالة تسطح أحد الثديين أو في حال خضوع المرأة لاستئصال كتلة أو ورم فيمكن عندها اللجوء إلى خيار الجراحة التجميلية.
هناك عدة طرق جراحية من أجل علاج اختلاف حجم الثدي هي: تصغير أحد الثديين أو تكبير الثدي الصغير أو العملية الجراحية على كلا الثديين باستخدام غرسات مختلفة الحجم أو إجراء عملية شد الثدي.
يمكن أن يتداخل الجراح على الثديين في عملية شد الثدي إذا كان ذلك ضرورياً، كما يمكن أن تترافق عملية شد الثدي مع تكبير الثدي أو تصغيره، حيث يقوم الجراح بدمج العمليتين معاً للتخلص من اختلاف حجم الثدي والحصول على التناظر والشكل الجمالي المطلوب.
يمكن للحمل والرضاعة أن تفسدا نتائج عملية شد الثدي، لذا يجب التروي قبل الإقدام على إجراء عملية شد الثدي، كما يمكن أن تعاني بعض النساء من صعوبة في إنتاج الحليب الكافي بعد العملية. يكون التداخل الجراحي في عملية شد الثدي أكبر من عمليات تكبير وتصغير الثدي، وتستغرق العملية من ساعتين إلى 3 ساعات وتقتضي إجراء كافة التحضيرات اللازمة للجراحة الكبرى، وبعد ذلك ترتدي المريضة حمالة صدر جراحية داعمة بعد العملية لعدة أشهر.
ورغم أنها عملية جراحية آمنة عموماً، إلا أنها مثل أية عملية جراحيية يمكن أن تسبب مضاعفات التخدير العام وكذلك التورم والكدمات لمدة أسبوعين وأحياناً الشعور بالخدر في جلد الثدي والهالة والحلمتين لفترة يكمن أن تستغرق حوالي ستة أسابيع.
التناظر في الشكل بين جهتي الجسم اليمنى واليسرى ليس محققاً دائماً سواء كان في الوجه والعيون والأذنين والحاجبين والجبين والأطراف والثديين، ويعود ذلك لعوامل الوراثة أو العوامل البيئية اللاحقة أو الهرمونية أو الحوادث التي تصيب الشخص…إلخ، هل يؤثر مثلاً اختلاف حجم الثدي البسيط والموجود لدى نسبة كبيرة من النساء على مظهرهن العام وجمالهن وجاذبيتهن ما يستدعي الخضوع للجراحة الكبرى؟ الجواب على الأرجح أنه لا يؤثر، لذلك علينا أن نعتاد على قبول الجسم الذي أعطى الحياة والرضاعة لأطفالنا وألا نعرض هذا الجسم دون أسباب كافية للتداخل الجراحي الواسع أحياناً.
لكن عندما يكون اختلاف حجم الثدي كبيراً لدرجة يمكن أن يشوه المظهر العام للمرأة وبالتالي يفقدها ثقتها بنفسها فعندها يمكن اللجوء إلى العملية الجراحية لتعديل الخلل القائم وتصحيحه واستعادة التوازن المفقود مرة أخرى.
