الجلد هو اللباس الطبيعي الذي يحمي الإنسان من المؤثرات الخارجية التي يتعرض لها باستمرار، ويشكل حاجزاً أمام كل ما يتعرض له الإنسان من تلوث وأمراض، إلا أن الجلد نفسه وضمن آليات دفاعه عن الجسم عرضة للإصابة ببعض الأمراض والآفات.
تتواجد الشامات بشكل طبيعي على الجلد، ويمكن أن تتواجد بكثرة على الجلد دون أن تشكل أية خطورة أو إزعاج، حيث يحتوي الجلد وسطياً 10-40 شامة لدى الشخص الواحد، ولكن في بعض الحالات تتحول الشامة التي كان الشعراء والفنانون قديماً يتغزلون بها إلى مرض قاتل ومميت إن لم يبادر الشخص إلى استئصالها، فما في الشامة ومتى تكون خطيرة وكيف يمكن تجنب الخطر وكيف يتم استئصالها، هذا ما سنحاول التعرف عليه في مقالتنا هذه عن جراحة إزالة الشامة.
ما هي الشامة؟
تحتوي الطبقة القاعدية لخلايا الجلد نوعاً من الخلايا تسمى الخلايا الصباغية، وهذه الخلايا تُنتج صبغة الميلانين الذي يعطي البشرة والشعر والقزحية لونها الطبيعي. تنمو هذه الخلايا أحياناً على شكل مجموعات أو عناقيد مما يسبب ظهور الشامة، كما يمكن أن تكون على شكل نقطة أو بقعة صغيرة ضمن الجلد وتصل في بعض الأحيان إلى أحجام كبيرة (ما يسمى بالوحمات).
يعود أسباب ظهور الشامات لعوامل وراثية أساساً وكذلك للتعرض لأشعة الشمس في مرحلة الطفولة خاصة ولتغير الهرمونات، كما أن لتناول بعض الأدوية الهرمونية للبدانة في بعض الحالات دور في ظهورها. وهي تظهر لدى جميع البشر وفي أي مكان في الجسم مثل فروة الرأس وتحت الإبطين وتحت الأظافر وبين أصابع اليد والقدم.
لماذا يتوجب على الشخص إزالة الشامة البارزة؟
الشامة هي نمو طبيعي في الجلد ولا يتوجب على الشخص إزالتها، لكن الحالات التي تستدعي إزالة الشامة تتضمن أساساً الحالات التي تتعرض فيها الشامة للتخريش المستمر بسبب مكان وجودها، كأن توجد على اليد لدى الأشخاص العاملين وتتعرض لتخريش مستمر ودائم بسبب طبيعة عملهم، أو أن تسبب حلاقة شعر الوجه لدى الرجال في تخريشها أو أن تتواجد عند قبة القميص وتكون عرضة للتخريش، أو أن تكون في مكان مكشوف لدى الأشخاص الذين يعملون في الشمس، أو أن الشخص لا يرغب بها لأسباب تجميلية أو عندما تعيق الرؤية كأن تكون على الجفن أو في مجرى السمع. تستدعي هذه الأسباب جميعها إزالة الشامة والتخلص منها وخصوصاً البارزة.
وعلى العموم إذا لاحظ الشخص أن أية شامة:
- غير متناظرة
- لها حواف غير منتظمة
- لها أكثر من لون
- لها قطر أكبر من ممحاة قلم الرصاص
- تتغير في الحجم أو الشكل أو اللون
فإن أياً من هذه الحالات يستدعي مراجعة طبيب الجلدية للتأكد من سلامة الشامة.
تشمل أعراض الشامة المصابة ما يلي:
- الاحمرار
- التورم
- النزيف وتصريف القيح
- الألم أو الحمى
كيفية العناية بالشامات ومنع تعرضها للإنتان
الشامة هي جزء من الجلد، ويشكل الحفاظ على سلامة الجلد عبر النظافة العامة والاستحمام عنصراً هاماً في الحفاظ على الصحة العامة، وهذا الأمر يمنع إصابة الشامات بالفطريات والبكتيريا والفيروسات المتواجدة طبيعياً على الجلد، وفي حال حصول جرح بالقرب من الشامة فإنه يجب تنظيفه برفق بالماء والصابون عدة مرات في اليوم، أما عند إمكانية تعرضها للملوثات فيمكن تغطيتها بضماد جاف وتنظيفها وتجنب حك الشامات وفركها إطلاقاً، وعند حدوث نزف أو تغير في مظهر الشامة فإنه يجب مراجعة طبيب الأمراض الجلدية فوراً، لأن هذه التغيرات تعطي علامة على احتمال تسرطن الشامة.
جراحة إزالة الشامة
هناك العديد من الطرق التي يمكن لجراح التجميل أو طبيب الأمراض الجلدية أن يزيل بها الشامة سواء كانت إزالة الشامة لأسباب جمالية كالشامات التي تظهر في المناطق المكشوفة أو بسبب تعرضها المتكرر للتخريش، أو لأسباب علاجية وذلك عند حدوث تغير في اللون والشكل، حيث يشرح الجراح للمريض الشكل المناسب لإزالة الشامة لديه.
إزالة الشامة البارزة جراحياً
عملية إزالة الشامة هي عملية بسيطة لا تحتاج عموماً إلى مرحلة تحضير وتتم في عيادة الجراح وتستخدم مراهم التخدير الموضعي أو حقن محيط الشامة بالمخدر الموضعي، حيث يستأصل الجراح الشامة من الطبقة العميقة للجلد ويرسلها إلى المخبر للتأكد من سلامتها نسيجياً. هذه العملية هي الأنسب في كل الحالات المشتبهة والشامات العميقة. يستخدم الجراح أحياناً قطباً قابلة للامتصاص أو ضمادة إذا كانت الشامة كبيرة.
عموماً لا تترك الشامات الصغيرة ندوباً، وفي حال وجود ندبة صغيرة فهي تختفي بعد فترة من الزمن بينما يمكن للشامة الكبيرة أن تترك ندبة في مكان جراحة إزالة الشامة يمكن التغلب عليها بواسطة الحقن بالفيلر.
إزالة الشامة بتقنية التجميد بالنيتروجين السائل
يقوم الطبيب برش النيتروجين السائل باستخدام جهاز الإرذاذ على الشامة التي يريد إزالتها، حيث يقوم النيتروجين بتجميد الشامة فتضمر وتختفي وتظهر مكانها بثرة صغيرة سرعان ما تختفي. تتميز هذه التقنية بسهولتها وسرعة ظهور نتائجها ولكن هناك خشية من وصول النيتروجين إلى الأنسجة المحيطة وتضررها.
إزالة الشامات بالكي
تعتمد هذه التقنية على إطلاق حرارة كبيرة على الشامة بواسطة جهاز كهربائي، حيث تحتاج هذه التقنية إلى مرهم للتخدير الموضعي أو عن طريق الحقن وبعدها يتم كي الشامة. تتطلب هذه التقنية عدة جلسات أحياناً لاستكمال إزالة الشامة الواحدة ويتم استخدامها أيضاً في حال وجود شامات متعددة، وهي فعالة في إزالة الشامات وعدم تكرار ظهورها ولا تترك عموماً ندبات على الجلد، لكن من مساوئها أنها تسبب بعض النزف وحروقاً جلدية طفيفة مؤقتة وحكة خفيفة.
إزالة الشامة بالليزر
تعتبر عملية إزالة الشامة بالليزر عملية بسيطة وسهلة، حيث يتم إجراؤها عبر توجيه أشعة الليزر على مكان الشامة وبالتالي تقوم بتبخير أنسجة الشامة وإغلاق الأوعية الدموية المحيطة ضمن فترة زمنية قصيرة (خمس دقائق). وبعد مرحلة تحضير المريض وإجراء العملية – وهي عادة غير مؤلمة ولا تحتاج عموماً إلى التخدير الموضعي رغم أن بعض الأطباء يلجؤون إلى التخدير الموضعي بالحقن الموضعي أو المراهم – فإنه بعد أسبوع من استئصال الشامات تتلاشى الندبات ويبقى قليل من الاحمرار في مكان الشامة لفترة تتراوح ما بين شهر إلى ستة أشهر حسب حجم الشامة وكذلك حسب الشخص والعمر لتأخذ بعدها لون البشرة الطبيعي.
إزالة الشامة من الوجه بالليزر
لا تختلف إزالة الشامة من الوجه بالليزر عن الطريقة العامة، حيث يتم توجيه حزمة الليزر على الشامة وتبخير أنسجتها، ولا حاجة عموماً إلى ضمادات بعدها. وغالباً ما تنجح تقنيات الليزر في استئصال شامات الوجه عموماً دون أية ندوب تذكر، وهي تمتاز بسرعة إجرائها وشفائها، كما أن الليزر يتيح الوصول إلى بعض الأمكنة التي يصعب فيها استخدام الوسائل الأخرى.
ايجابيات إزالة الشامة بالليزر
يمتاز علاج إزالة الشامة بالليزر بعدد من المزايا منها:
- تقليل فرصة الإصابة بالإنتان.
- يمكن علاج العديد من الشامات في جلسة واحدة.
- الوصول إلى مناطق من الوجه والأنف يصعب الوصول إليها بواسطة الطرق الأخرى.
- الشفاء أسرع.
- التندب أقل.
- ضرر الأنسجة المجاورة أقل.
سلبيات إزالة الشامة بالليزر
قد تترافق إزالة الشامة بالليزر مع عدد من السلبيات من بينها:
- عدم إمكانية التأكد من طبيعة الشامة نسيحياً (تحتاج إلى خزعة قبل المعالجة)
- احتمال النكس في حال عدم استئصال جميع الخلايا.
- لا يُستخدم إلا لعلاج الشامات السطحية والسليمة، حيث تفضل الجراحة في حالات الشامات الكبيرة وإلى حد ما المتوسطة وعميقة الجذور وكذلك في حالات الاشتباه بكون الشامة غير سليمة.
- تترك حساً خفيفا يشبه إحساس الاختراق الخفيف المؤقت.
هل إزالة الشامة بالليزر تسبب السرطان؟
إن الخلايا الصباغية هي جزء من خلايا الجلد التي تعطي البشرة والشعر والقزحية ألوانها بواسطة الميلانين الذي بدوره يحمي الجسم من تأثير الأشعة فوق البنفسجية الضارة. والشامة هي تكاثر مفرط لهذه الخلايا، وبحكم وجود الشامات في مختلف مناطق الجسم فهي عرضة للتخريش والتعرض للشمس والعوامل الأخرى مما يجعلها عرضة للتغيرات والتحول، وهذا ما يقتضي مراقبة الشامات الكبيرة وتغيراتها والاستئصال الجراحي لها وقائياً أو علاجياً.
يمكن القول إن استئصال الشامات بالليزر – وهي غالباً الشامات صغيرة الحجم – تحت الإشراف الطبي هي عملية آمنة تماماً لا تسبب السرطان، إضافة إلى أن لها كل الايجابيات الأخرى من تقليل الإنتان وإمكانية علاج العديد من الشامات في جلسة واحدة وسرعة الشفاء والتندب الأقل والتقليل من الضرر على الأنسجة المجاورة.
كلمة أخيرة
الشامة هي جزء طبيعي من الجلد لا تشكل عموماً أية خطورة إلا أنه يجب الحذر من التعامل معها بطريقة خاطئة خوفاً من إمكانية تحولها. يجب عدم اعتبار الشامات حقل تجريب سواء لجهة إزالتها أو التعامل معها (استخدام العلاجات المنزلية والتجريبية لإزالتها مثلاً حتى لا يغدو الشخص مثل ذلك الكيميائي الذي خسر حبيبته وهو يحاول استخدام العقاقير والأدوية لإزالة شامة لم يعجبه منظرها على شحمة الأذن) واللجوء إلى طبيب أمراض جلدية ماهر أو جراح تجميل متمرس عند وجود شامة غير مرغوب بها أو عند ملاحظة أي تغير في مظهر الشامة أو شكلها.