ضرس العقل هو الرحى الثالثة بين الأرحاء التي تبزغ في الجهتين اليمنى واليسرى في الفك العلوي والسفلي، وهي عموماً أربعة أضراس:
- ضرس العقل العلوي الأيمن، وهو الرحى الثالثة العلوية اليمنى.
- ضرس العقل العلوي الأيسر، وهو الرحى الثالثة العلوية اليسرى
- ضرس العقل السفلي الأيمن، وهو الرحى الثالثة السفلية اليمنى
- ضرس العقل السفلي الأيسر، وهو الرحى الثالثة السفلية اليسرى
خصصنا هذا المقال بقلم غومدایران للحديث عن ضرس العقل
وتبزغ أضراس العقل في المنطقة الخلفية من الفم بعد بزوغ الرحى الثانية بعدة سنوات في مرحلة الشباب، لذا سميت أضراس العقل اعتقاداً من القدماء أن العقل يكتمل في مرحلة بزوغها الذي يمكن أن يستمر عدة سنوات.
يكون لدى بعض الناس أربعة أضراس عقل في حين يكون لدى البعض الآخر ثلاثة أضراس أو اثنان أو ضرس واحد فقط، ومن المحتمل ألا يكون لدى الشخص أي ضرس عقل. يعزو علماء البيولوجيا هذا الاختلاف إلى عملية التطور البيولوجي الناتجة عن عدم الحاجة لهذه الأرحاء نتيجة الاعتماد المتزايد للإنسان على الأطعمة اللينة والمطبوخة عبر مئات آلاف السنين.
لضرس العقل العلوي ثلاثة جذور وأحياناً أكثر بينما لضرس العقل السفلي جذران، ويمكن أن تلتحم جذور أضراس العقل ويصبح لضرس العقل جذر واحد فقط.
متى يطلع ضرس العقل؟
يبدأ بزوغ أضراس العقل في عمر 17 إلى 25 سنة، حيث تبزغ خلف الرحى الثانية في زاوية الفك تقريباً، ويكون بزوغها ضمن أحد الأشكال التالية:
- في حال وجود مسافة كافية خلف الرحى الثانية يطلع ضرس العقل بشكل طبيعي دون أن يترافق بزوغه مع أعراض ذات معنى، ويتم التعامل معه كأحد الأرحاء الدائمة.
- أما في حال عدم وجود مسافة كافية فيمكن أن يبزغ بشكل جزئي ويكون منحصراً، في هذه الحالة يمكن أن يمتد بزوغه لسنوات أو غالباً ما يأخذ بزوغه أشكالاً غير منسجمة مع القوس السنية.
في حالة البزوغ الجزئي يكون ضرس العقل منحصراً، حيث يكون محوره مائلاً باتجاه الرحى الثانية وأحياناً متعامداً معها أو يمكن أن يكون محوره مائلاً باتجاه عظم الفك، كما يمكن أن يكون مائلاً باتجاه الخد أو اللسان، كما يمكن أن يكون منطمراً تماماً داخل العظم ولا يظهر إلا عبر الصور الشعاعية بأشكال وأوضاع مختلفة.
تترافق محاولة البزوغ بين فترة وأخرى لضرس العقل المنحصر بما يلي:
- انتباج واحمرار المنطقة
- تشنج عضلات المنطقة
- التهابات اللثة المحيطة بالضرس المتكررة وتورمها
- آلام شديدة وصعوبة في البلع
- تورم المنطقة
- ترفع حروري
يعود ذلك غالباً إلى صعوبة تنظيف المنطقة مما يمكن أن يؤدي أحياناً إلى نخر ضرس العقل ونخر الرحى المجاورة وتهدمها وما يرافق ذلك من آلام شديدة.
- ضرس العقل المنطمر: وفي هذه الحالة يكون الضرس منطمراً تماماً ضمن عظم الفك ولا يظهر إلا بالتصوير الشعاعي، ويمكن ألا يتسبب بأية أعراض بينما في حالات أخرى يمكن أن يسبب العديد من الأعراض.
متى يجب خلع ضرس العقل؟
عموماً إذا كان بزوغ أضراس العقل منسجماً مع القوس السنية ولا يسبب أية مشاكل فيتم التعامل مع أضراس العقل كأضراس طبيعية تزيد من قوة المضغ لدى الشخص، كما يمكن الاستفادة منها كدعامة لجسر في حال قلع الأرحاء.
لكن بحكم موقعها في زاوية الفم الخلفية وصعوبة تنظيف المنطقة التي تتواجد فيها هذه الأضراس فمن الممكن أن تسبب العديد من المشاكل التي تتطلب ضرورة قلعها مثل:
- التهابات اللثة المتكررة حول الضرس وكذلك تشكيل الخراجات اللثوية المتكررة حول الضرس.
- التسبب بنخر الأضراس المجاورة بسبب صعوبة التنظيف.
- الضغط على الأسنان المجاورة والتسبب بميلانها أو انحرافها.
- الخشية من التأثير على المعالجة التقويمية بسبب الضغط الذي يمكن أن يسببه ضرس العقل على الأسنان المجاورة وبالتالي إفشال المعالجة التقويمية.
- تشكيل أكياس سنية حول الضرس المنطمر: إن الأكياس السنية المتشكلة حول الأضراس المنطمرة تسبب امتصاص عظم الفك مما يؤدي إمكانية كسر الفك لدى تعرضه لصدمة بسيطة (وخاصةً الفك السفلي) أو تضرر المناطق المجاورة كالجيوب الفكية في الفك العلوي والعصب اللساني في الفك السفلي.
- وجود شكوى من الصداع المتكرر أو آلام أذنية غير واضحة السبب: كثيراً ما يطلب اختصاصي الجراحة العصبية أو اختصاصي الأذن التأكد من وجود مشاكل سنية لدى المريض في حالات وجود صداع مجهول السبب أو في حال وجود آلام أذنية مجهولة المنشأ.
تستدعي الأسباب المذكورة آنفاً ضرورة قلع ضرس العقل للتخلص من المشاكل الموجودة أو تجنباً لمشاكل مرجحة الحدوث.
تحضيرات عملية قلع ضرس العقل
يستفسر الطبيب عن وضع المريض الصحي والأمراض التي يشكو منها وكذلك الأدوية التي يتناولها. إذا كان المريض سليماً وخالياً من الأمراض فلن يحتاج إلا صورة شعاعية للضرس لتحديد وضعيته وكذلك علاقته بمجاوراته، ويمكن للطبيب أن يطلب صورة ثلاثية الأبعاد قبل العملية في الحالات التي تكون فيها جذور الأرحاء محيطة أو ملاصقة للعصب السني السفلي.
أما في حال وجود أمراض لدى الشخص فسيسأل الطبيب عن الأدوية التي يتناولها المريض ويطلب إيقافها في حال تعارضها مع العملية كأن يطلب وقف مميع الدم مثلاً، أما الحالات التي يشتبه الجراح بخطورتها فمن الممكن أن يطلب استشارة طبية من طبيب أمراض القلب أو الغدد مثلاً ثم يحدد موعداً لاحقاً للقلع.
عملية قلع ضرس العقل
تتم عملية قلع ضرس العقل بالتخدير الموضعي وهي تتم في العيادة وتأخذ أحد شكلين:
- القلع العادي حيث يخدر الجراح الضرس تخديراً موضعياً ثم يجرد اللثة المحيطة بالضرس بأداة خاصة ويلجأ بعدها إلى الروافع لخلخلة السن قليلاً ضمن محيطه، ويلجا أخيراً إلى استخدام الكلابة لقلع الضرس من تجويفه. القلع هنا بسيط وغير معقد وغالباً لا يحتاج مكان القلع إلى الخياطة. يضع الجراح شاشة معقمة على الجرح ويطلب من المريض الضغط عليها وعدم تغييرها أو إزالتها لمدة نصف ساعة من القلع.
- القلع الجراحي: بعد التخدير المريض موضعياً يلجأ الجراح إلى إجراء شق جراحي في اللثة يكشف الرحى المنحصرة، أو يلجأ إلى إجراء أكثر من شق وكشف شريحة لثوية دهليزية مثلاً تُظهِر الضرس المنحصر وتتيح للطبيب استخدام الروافع والكلابات أو تجزئة الضرس عبر اقتلاع التاج أولاً ثم الجذور ويجري بعدها خياطة للجرح، وفي النهاية يضع الجراح على الجرح شاشة معقمة ويطلب من المريض العض عليها لمدة نصف ساعة ثم يصف له الأدوية والمسكنات اللازمة.
- قلع الضرس المنطمر: يجري الطبيب التخدير الموضعي تم يكشف شريحة لثوية يحدد شكلها وضع الضرس المنطمر حسبما يظهر في الصورة الشعاعية. يحتاج الطبيب إلى إزالة جزء من العظم حتى يظهر الضرس، وعندها يقرر الطبيب الكيفية المثلى لاقتلاع السن سواء عبر التعامل معه بالروافع والكلابات أو عبر تجزئة الضرس واقتلاع تاجه ثم جذوره، وبعدها تتم خياطة الجرح ويضع الطبيب شاشة معقمة على الجرح ويطلب من المريض العض عليها وعدم إزالتها قبل مرور ساعة من الزمن، ويصف الطبيب الأدوية والمسكنات ويزود المريض ببعض التعليمات الضرورية.
مضاعفات ومخاطر قلع ضرس العقل أثناء الجراحة
تحصل العديد من المضاعفات أثناء الجراحة بسبب تعقيد ساحة العمل نتيجة الأوضاع العديدة التي يتخذها ضرس العقل مما يسبب المضاعفات التالية:
- أذية العصب اللساني مما يسبب خدر اللسان وأذية العصب السنخي السفلي التي يمكن أن تسبب خدر الشفة
- كسر الحدبة الفكية حيث يمكن أن يحصل كسر الحدبة الفكية نتيجة القوة المفرطة المطبقة أو التصاق الجذور بالعظم السنخي.
- أذية الأرحاء المجاورة نتيجة القوة المطبقة على المنطقة.
- كسر الجذور بسبب الأوضاع والأشكال التي تتخذها الجذور أو عدم خبرة الطبيب الكافية.
- كسر الفك السفلي وهو نادر الحدوث.
عموماً هذه المضاعفات قليلة الحدوث ويشكل اختيار الجراح الماهر والمتمرس ضمانة لتقليل هذه المخاطر أو عدم حدوثها.
مضاعفات ما بعد الجراحة
بعد عملية القلع يمكن للمريض أن يتعرض إلى جملة من المضاعفات:
- التورم والضزز: يحصل التورم والضزز (صعوبة فتح الفك السفلي) بعد العملية بسبب طبيعة الجراحة والقوة المطبقة، ويستمر التورم والضزز لبضعة أيام، لذلك على المريض تناول الأدوية والمسكنات الموصوفة والتقيد بتعليمات ما بعد الجراحة.
- النزف: يضع الجراح ضمادة من الشاش المعقم على المنطقة بعد إجراء الخياطة ويطلب من المريض العض على الضمادة وعدم إزالتها أو تغييرها قبل مرور نصف ساعة على الأقل حتى لا تسبب إزالة الخثرة وفتح الجرح من جديد. لا يشكل استمرار وجود أثر خفيف من الدم في اللعاب مدعاةً للقلق خلال يوم القلع، وفي حال كان النزف غزيراً يجب على المريض مراجعة الجراح.
- الإنتان: يمكن أن تتعرض المنطقة للإنتان، وعموماً يصف الجراح بعد العملية صادات حيوية ومسكنات وغسولاً فموياً.
- التهاب السنخ الجاف: ويحصل في حال حصول فشل في تشكل الخثرة مما يسبب حصول آلام شديدة تقتضي مراجعة الجراح لاتخاذ التدابير اللازمة.
ما بعد خلع ضرس العقل
يزود الجراح المريض بعد الجراحة ببعض التعليمات الضرورية كي تتم عملية الشفاء بيسر وسلاسة ويطلب منه ما يلي:
- عدم إزالة ضماد الشاش قبل ثلاثين دقيقة.
- التخفيف من الأنشطة: يطلب الطبيب من المريض أن يستريح من العمل وألا يقوم بأية أنشطة تتطلب مجهوداً خلال يوم الجراحة واليوم الذي يليه.
- المحافظة على الرأس مرتفعاً على وسادة إضافية أثناء النوم والاستلقاء.
- تجنب لمس المنطقة والبصق الشديد والمضمضة يوم الجراحة واستخدام المضامض والغسول في اليوم التالي للجراحة حتى الشفاء.
- المحافظة على رطوبة الجسم والفم.
- استخدام كمادات باردة في منطقة الجراحة.
- تناول الأدوية التي وصفها الطبيب بانتظام.
- تناول الأطعمة اللينة والسوائل والشوربات والعصائر وعدم استخدام الأدوات الماصة في شرب العصير والسوائل وتجنب الأطعمة القاسية خلال ثلاثة أيام بعد القلع.
كلمة أخيرة
ضرس العقل هو أحد الأرحاء الدائمة لدى الإنسان ويمكن أن يبزغ دون أية مشاكل أو آلام ذات معنى، وفي حال بزوغه بشكل طبيعي يتم التعامل معه على أنه جزء من جهاز المضغ الطبيعي، أما في حال انحصاره أو انطماره أو عدم القدرة على تنظيفه حتى لو كان بزوغه طبيعياً فمن الأفضل عموماً التخلص منه ومن المشاكل المحتملة لبقائه في الفم.
عملية قلع ضرس العقل عموماً هي عملية آمنة وغير خطرة والتخدير فيها موضعي على العموم مما يقلل من مخاطر التخدير العام. إن اختيار الطبيب الماهر والمتمرس كفيل بتخليص المريض من الإزعاجات الممكنة والمحتملة لضرس العقل ومن المضاعفات المحتملة خلال العملية وما بعدها.