يشعر الشخص بالضغط والارهاق بعد قيامه بأعمال مجهدة أو عندما يعمل لفترات طويلة فتبدو عليه آثار التعب والإجهاد. لكن ما يهم الكثيرين في هذه الأيام وفي ظروف الحياة المعاصرة المترافقة مع الإجهاد والتوتر لفترات طويلة هو معرفة أعراض الإجهاد على صحة البشرة. فهل يؤثر الإجهاد سلباً على صحة البشرة؟ وكيف يمكن تقليل أعراض الإجهاد على صحة البشرة؟
سنجيب في هذه المقالة عن هذه الأسئلة لكننا سنتعرف أولاً على الإجهاد من وجهة النظر العلمية.
ما هو الإجهاد؟
الإجهاد هو حالة من إحساس الشخص بأن ما يطلب منه أو ما ينبغي عليه إنجازه أكبر بكثير من امكانياته لتحقيق ذلك، وهذا ما يجعله يصاب بحالة من التوتر والخوف، ولا يقتصر الإجهاد على الجسد بل قد يكون عاطفياً أو عقلياً أيضاً، والإجهاد بحالاته المتنوعة يمكن أن يكون حافزاً للشخص كي يحقق ما يسعى اليه وينجح به أو قد يتحول إلى عائق يقف بينه وبين كل هدف أو انجاز قد يكون قادراً على الوصول اليه.
تأثير الإجهاد على الجسم
يعتبر تشنج العضلات والصداع أكثر الأعراض ارتباطاً بالإجهاد، ولكنها ليست الوحيدة، إذ أن هناك تأثراً للبشرة نتيجة ضغط العمل وقلة النوم، حيث أن الضغوطات اليومية يمكن أن تؤدي الى ظهور أمراض متعددة منها الصدفية والأكزيما وحب الشباب والهالات السوداء تحت العين وغيرها من مظاهر الإرهاق، لذلك عندما يعاني الأشخاص من الإجهاد في حياتهم اليومية فإنه في أغلب الأحيان تصبح بشرتهم انعكاساً للضغوط التي يتعرضون لها.
كيف يؤثر الإجهاد على البشرة؟
يبين أطباء الجلدية أن الإجهاد يسبب تغييراً في كيمياء المخ والجسم وأن له تأثيراً كبيراً على البشرة بعملية تسمى ”اتصال جلد المخ“، إذ أن الكثير من النهايات العصبية ترتبط بالجلد وتلتف حول الأعضاء، لذلك عندما يتم تأثير الإجهاد على الأعصاب فيمكن أن يتم التعبير عنها من خلال الجلد والبشرة، كما يمكن التعبير عنها من خلال الجهاز الهضمي وارتفاع ضغط الدم.
في الوضع الطبيعي تقوم الغدد الصماء بإفراز الهرمونات اللازمة لعمل الجسم بالشكل المطلوب، ولكن عندما يتعرض الجسم للتعب والإجهاد فإنه يحدث خلل في ذلك النظام ويتمثل بزيادة إفراز الغدد الكظرية من مادة الكورتيزول التي تعرف باسم ”هرمون الإجهاد“ الذي يفسد بدوره كل شيء ابتداءً من جهاز المناعة وحتى ضغط الدم، حيث يزداد إنتاج الزيوت والدهون في الجسم فيظهر حب الشباب وتزداد الحساسية، كما أن زيادة الكورتيزول تؤدي إلى إضعاف الجهاز المناعي للجلد مما يؤدي إلى الإجهاد التأكسدي الذي تنتج عنه أمراض متعددة منها الصدفية والأكزيما.
ما هي أهم أعراض الإجهاد على صحة البشرة؟
يشكل الإجهاد جزءاً من الحياة اليومية التي نعيشها نتيجة ضغط الحياة والمشاكل المتنوعة في العمل والمنزل والشارع، ويؤثر على الجسم داخلياً على الجهاز الهضمي مثلاً وخارجياً على البشرة والشعر والأظافر.
تأثير الإجهاد على الوجه
يؤثر الإجهاد على الوجه بأشكال متعددة أبرزها:
- الهالات والانتفاخات تحت العينين: يمكن للإجهاد أن يكون سبباً في الأرق واضطراب النوم مما يؤدي إلى ظهور الهالات السوداء تحت العين، كما أن فقدان مرونة الجلد يساهم في تشكيل الانتفاخات تحت العين، ولتلافي هذه المشكلة لا بد من محاولة الاسترخاء قبل النوم، حيث يمكن الحصول على ذلك عن طريق شرب فنجان من البابونج مساءً والابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة من الخلود للفراش والنوم لمدة لا تقل عن 8 ساعات.
- جفاف البشرة: تحتوي الطبقة الخارجية من البشرة على الطبقة القرنية التي تحتوي على البروتين والدهون والتي تساهم بشكل كبير في ترطيب خلايا البشرة، كما أن هذه الطبقة الخارجية للبشرة تشكل حاجزاً يحمي الجلد تحتها، وعندما لا تعمل هذه الطبقة بالشكل المطلوب فإن البشرة تصبح جافة، وقد أظهرت الأبحاث أن الإجهاد يضعف وظيفة الحاجز في الطبقة القرنية وقد يؤثر بشكل سلبي على احتباس الماء في الجلد، كما أن الشعور بالإجهاد يؤدي إلى إهمال البشرة وعدم ترطيبها بالشكل المطلوب، وكذلك فإن التوتر وشرب الكثير من المنبهات والمشروبات الغازية يؤدي إلى جفاف البشرة، لذلك لا بد من شرب ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء يومياً بالإضافة إلى العصائر الطبيعية والشاي الأخضر الغني بمضادات الأكسدة وتناول الفاكهة والخضار الطازجة من أجل تقليل أعراض الإجهاد على صحة البشرة.
- حب الشباب: يتسبب الإجهاد في زيادة إنتاج هرمون الكورتيزول كما ذكرنا مما يزيد من الإفرازات الدهنية وظهور حب الشباب، لذا ينصح في هذه الحالة باستخدام تمارين التنفس العميق الذي يساعد في تخفيف التوتر واتباع نظام غذائي صحي لعل هذه الخطوات تخفف من أعراض الإجهاد على صحة البشرة ومن ظهور حب الشباب.
- التجاعيد: إن التوتر والإجهاد يترافق مع ظهور تعابير معينة في الوجه كتقطيب الحاجبين أو زم الشفاه مما يؤدي إلى تشكل تجاعيد عميقة في هذه المناطق عند تكرار ذلك بشكل كبير، لذا ينصح بالتخفيف قدر الإمكان من هذه التعابير واستعمال كريمات مضادة للتجاعيد يومياً.
- الاحمرار: عند الشعور بالإجهاد تصبح أنفاسنا قصيرة ومتعبة مما يؤدي الى الهبات الساخنة واحمرار البشرة، وكذلك فإن الإجهاد يضعف جهاز المناعة مما يؤدي إلى حدوث خلل في البكتريا في الأمعاء وخلل في البشرة فيظهر الطفح الجلدي والاحمرار، وللتخفيف من هذه الحالة ينصح بممارسة تمارين الاسترخاء واستنشاق الزيوت المهدئة للأعصاب كزيت اللافندر واستخدام كريم لإخفاء الاحمرار.
تأثير الإجهاد على الشعر
يرتبط الشعر بالبشرة ارتباطاً وثيقاً، وطالما أن البشرة تتأثر بالإجهاد فإن ذلك سينعكس سلباً على الشعر ويتجلى ذلك بما يلي:
- تساقط الشعر: يؤثر الإجهاد الناتج عن الضغوطات الكبيرة على دورة حياة الشعر وتسريعها، فبدلاً من أن يأخذ الشعر الوقت الكافي في النمو والراحة فإنه ينتقل إلى مرحلة التساقط بشكل أسرع، لكن الشعر يستعيد دورته الطبيعية بعد زوال فترة الإجهاد، ويفضل استخدام شامبو وأدوية تساعد في حماية الشعر لجعله ينمو بشكل جيد ومنعه من التساقط.
- الشيب المبكر: يعمل الإجهاد على اختفاء الخلايا الجذعية التي تخلق الخلايا الصبغية المسؤولة عن إنتاج الميلانين الذي يلون الشعر وخاصةً للأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لذلك مما يؤدي إلى ظهور الشيب المبكر لديهم، لذا فإنه يُنصح بتناول مكملات غذائية لتغذية الشعر وحمايته من الشيب المبكر وذلك بإشراف طبيب مختص، كما يمكن استخدام أنواع شامبو تكون غنية بالبروتينات للوقاية من الشيب المبكر.
تأثير الإجهاد على الأظافر
كما هي حال الشعر فإن الأظافر ترتبط بالبشرة وبصحة الجسم كله، وينتقل تأثير الإجهاد على البشرة إلى الأظافر أيضاً، ويتجلى ذلك بما يلي:
- الخطوط العميقة: إن شكل ومظهر الأظافر يعكسان صحة الجسم وسلامته، فتظهر الخطوط العمودية وترتبط عادة بالتقدم بالعمر أو نقص في الفيتامينات أحياناً، وتظهر الخطوط الأفقية نتيجة التعرض للإجهاد ولكن يمكن أن تدل أيضاً على الإصابة بالسكري أو قد تدل على أمراض الشرايين، ويفضل مراجعة الطبيب للاستشارة عند ظهورها.
- عدم نمو الأظافر: قد يؤدي الإجهاد إلى قلة نمو الأظافر لأن التعب والإجهاد يمتصان طاقة الجسم ولا يتركان ما يكفي من الغذاء لنمو الأظافر بالشكل اللازم، ولذلك يجب الانتباه إلى هذه الحالة وتقليل الإجهاد والتعب للتخلص منها إن لم يكن لها سبب مرضي آخر.
نصائح للحفاظ على بشرة خالية من الإجهاد
هناك العديد من الخطوات يمكن اتباعها لتخفيف أعراض الإجهاد على صحة البشرة في المنزل:
- المحافظة على روتين جيد للعناية بالبشرة كل يوم حتى في الأيام التي يكون لديك فيها شعور بها بالتعب الشديد أو القلق لأن الإهمال قد يؤدي الى تفاقم المشكلة أكثر.
- ممارسة الرياضة بانتظام حيث أن التمارين الرياضية تفرز هرمونات تحسن المزاج والطاقة.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن غني بالخضار الطازجة والفواكه والتقليل من الأطعمة المصنعة.
- الحصول على قسط كاف من النوم.
- الاسترخاء والاستماع للموسيقا وممارسة تمارين التنفس العميق.
خاتمة
يحدث الإجهاد والتوتر عندما نشعر أن لدينا من العمل أكثر مما يمكننا القيام به، وهذا الإجهاد ينعكس سلباً على الجسم بكامله سواء في أعضائه الداخلية أو في البشرة. تناولنا في هذه المقالة أهم أعراض الإجهاد على صحة البشرة وأهم طرق الوقاية من هذه الأعراض، ويبقى أن نشير إلى أن أخذ إجازة من العمل والاسترخاء كل فترة من الزمن يعيد النشاط إلى الجسم من الناحية البدنية والنفسية على حد سواء.